❝الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية 2023 تحت شعار ❞العربية: لغة الشعر والفنون

يتزامن الاحتفال هذا العام مع الذكرى الخمسين (50) لإعلان اللغة العربية لغة رسمية في الأمم المتحدة، والذي جاء نتيجة لجهود دبلوماسية عربية حثيثة، بدأت بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 878 المؤرخ في 4 ديسمبر 1954، يجيز فقط الترجمة التحريرية إلى اللغة العربية، تلته مجموعة من القرارات اتخذتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ‏- « اليونسكو » أدت تدريجياً إلى اعتماد العربية لغة عمل في هذه المنظمة، إلى غاية صدور قرار الجمعية العامة رقم 3190 المؤرخ في 18 ديسمبر 1973 والذي يوصي باعتماد اللغة العربية لغة رسمية سادسة، إلى جانب الإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية.

أما استخدام العربية كلغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، فأُدرجت في جدول الأعمال في عام 1974 بناء على مبادرة من الجزائر، والعراق، والجماهيرية العربية الليبية، والكويت، والمملكة العربية السعودية، واليمن، وتونس، وجمهورية مصر العربية، ولبنان

وكانت الجزائر أول بلد استعمل اللغة العربية من هذا المنبر العالمي، حينما ألقى الرئيس الراحل هواري بومدين خطابه الشهير في أفريل 1974 ، والذي دعا فيه إلى نظام عالمي جديد عادل ومنصف لجميع الشعوب.

في أكتوبر 2012، عند انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة « اليونسكو »، تقرر تكريس يوم
18 ديسمبر يوما عالميا للغة العربية، واحتفلت « اليونسكو » في تلك السنة للمرة الأولى بهذا اليوم .

 تحتفل الجزائر باليوم العالمي للغة العربية كل سنة برمزية خاصة لأن الشعب الجزائري الذي عان من وطأة الإستعمار الغاشم لما يزيد عن 130 سنة ظل متمسكا بهويته العربية والإسلامية رغم كل محاولات طمسها.  إلا أن كل هذه المحاولات لاقت فشلا ذريعا مقابل إرادة الشعب الجزائري الذي ظل متمسكا  بهويته ولغته العربية بل واتخذها كسلاح في معركة التحرير ووسيلة لمناهضة المستعمر. وهنا ظهر الدور البارز للزوايا والمساجد التي شكلت مراكز لتعليم اللغة العربية وتعاليم الإسلام ولجمعية العلماء المسلمين الجزائريين،  التي ساهمت بفعالية بالغة في دفع عملية التعليم العربي والإسلامي في الجزائر .

تواصل هذا النهج الى ما بعد الإستقلال وضاعفت الجزائر الحرة الجهود من أجل تكريس الهوية الوطنية ومقوماتها من دين ولغة، العربية منها والأمازيغية، باعتبارها تشكل لبنات أساسية في الوحدة الوطنية ومن ثوابت المجتمع الجزائري، سيما في ظل العولمة وإفرازاتها.

نذكر في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر، إنشاء « المجلس الأعلى للغة العربية » الذي أخذ على عاتقه، ليس العمل على ازدهار اللغة العربية وترقيتها فحسب، وإنما تعميم استعمالها في ميادين العلوم والتكنولوجيا وتكثيف أعمال الترجمة إلى اللغة العربية.

هذا، وتحتضن الجزائر مقر « الهيئة العليا للذخيرة العربية » التابعة لجامعة الدول العربية، ومن أهم أهداف هذا المشروع اللغوي الرائد، الذي أطلقه العالم الجزائري الراحل عبد الرحمان حاج صالح، رقمنة وحوسبة مخزون التراث العربي والإنتاج الفكري العربي والمنقول إلى اللغة العربية وجعله مواكبا للعصر وفي متناول الجميع .

ومن أبرز المشاريع التي تساهم فيها الجزائر بشكل فعال أيضا « المعجم التاريخي للغة العربية » وهو أول معجم يؤرخ للتراث اللغوي العربي ويتميز على عكس غيره من المعاجم العربية بـالتأريخ للكلمات ودلالاتها وكذا « استمداد معانيها من مجالات معرفية مختلفة كالاقتصاد والإعلام وغيرها.

ونشير هنا أيضا إلى جهود الجزائر في نشر امتحان « الكفاءة الدولية في اللغة العربية » المعروف بـ « التنال العربي » هو اختبار لغوي لقياس الكفاية اللغوية لمهارات اللغة العربية، موجه للناطقين بها وللناطقين بغيرها،  مبني على غرار « TOEFL وDELF/DALF ، ومزكى من طرف اتحاد الجامعات العربية، منظمة « الأليكسو » التابعة لجامعة الدول العربية وغيرها.

وحيث أن شعار إحتفال هذه السنة هو  العربية: لغة الشعر والفنون نختم هذه المساهمة المتواضعة بأبيات من القصيدة الثورية للعلامة الجزائري عبد الحميد ابن باديس، الذي كرس حياته لدحض أباطيل المستعمر ومخططاته لطمر هوية الشعب الجزائري ، فقال في قصيدته التي أصبحت من اشهر الأناشيد الوطنية الجزائرية:

« شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ                  وَإلىَ   الـعُـروبةِ  يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ                  أَوْ قَــالَ مَـاتَ  فَقَدْ  كَـذبْ
أَوْ رَامَ  إدمَــاجًــا لَــهُ                  رَامَ الـمُحَـال مـن  الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ  رَجَــاؤُنَــا                  وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَـربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ  سِلاَحَـهـا                  وَخُـضِ الخْـطُـوبَ  وَلاَ  تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ                  حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ                 فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ  نفُوسَ  الظَّــالـمِـينَ                 سُـمًّـا  يُـمْـزَج  بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ                  فَرُبَّـمَـا  حَـيّ  الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان  يَبْغـي  وَدَّنَــا                  فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ  وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي  ذُلَّـنـَا                  فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ  والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا                  بالـنُّـورِ خُــطَّ  وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى  يَعودَ لـقَــومــنَـا                  من مَجِــدِهم مَــا قَـدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ                  حَـتَّى  أوَسَّــدَ  في  الـتُّـرَبْ  
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي                 تَحيـَا الجَـزائـرُ وَالْـعـرَبْ » 

 سفارة الجزائر ببلغراد، ديسمبر 2023

Comments are closed.

Copyright Ambassade d'Algérie en Serbie 2015 • Tous droits réservés